البابا ليلة الفصح: دعوة لنبذ العادات المتكرّرة
وتجديد حياتنا وخياراتنا ووجودنا
ألقى البابا فرنسيس عظة في قداس ليلة عيد الفصح (سبت النور)، قال فيها “إننا نشعر بثقل الصمت إزاء موت الربّ، صمت يستطيع كلّ منّا أن يرى نفسه فيه، صمت يغوص في أعماق شقوق قلب التلميذ الذي لا يقوى على كلام أمام الصليب… ووسط صمتنا – عندما نصمت بهذا الشكل الساحق – حينها تصرخ الحجارة (را. لو 19، 40)[1] وتفتح المجال لأعظم بشارة احتواها التاريخ على الإطلاق: “إِنَّه ليسَ هَهُنا، فقَد قامَ” (متى 28، 6). لقد هتف حجر القبر ومع هتافه أعلن للجميع حياة جديدة”.
أضاف: وإن كنّا قد تأمّلنا يوم أمس، مع النساء، بـ “مَن طَعَنوا” (يو 19، 37؛ را. زك 12، 10)، فإننا اليوم مدعوّون للتأمّل بالقبر الفارغ وللإصغاء لكلام الملاك: “لا تخافا […] فقَد قامَ” (متى 28، 5- 6). وهي كلمات تريد أن تصل إلى أعمق قناعاتنا ويقيننا، وإلى طريقتنا بالحكم على الأمور ومواجهة الأحداث اليومية؛ وبالأخصّ إلى طريقتنا في إقامة العلاقات مع الآخرين. إن القبر الفارغ يريد أن يتحدّى، ويحرك، ويسترعي الاهتمام، ولكنه يريد قبل كلّ شيء أن يشجّعنا على الإيمان، وعلى الثقة بأن الله “يأتي” في أيّ وضع، وأيّ شخص، وأن نوره يقدر أن يصل إلى الزوايا التي لا يمكن تصوّرها، والأكثر انغلًاقا في الوجود. لقد قام من بين الأموات، قام من المكان الذي لا ينتظر أحد منه أي شيء، وهو ينتظرنا – كما كان ينتظر النساء- كي يجعلنا نشارك بعمله الخلاصي. هذا هو الأساس والقوّة التي نملكها كمسيحيّين كي نبذل حياتنا وطاقتنا وذكاءنا وعواطفنا وإرادتنا في البحث عن مسيرات كرامة ولا سيما في خلِقها. إنّه ليس هنا… فقد قام! إنها البشارة التي تعضد رجاءنا وتحوّله إلى أعمال رحمة ملموسة. وكم اننا بحاجة إلى أن ندع هشاشتنا “تُمسَح” بهذا الاختبار! كم انّنا بحاجة إلى أن يتجدّد إيماننا، وأن نضع آفاقنا القريبة المدى موضع التساؤل وأن تتجدّد بهذه البشارة! لقد قام وقام معه رجاؤنا المبدع كي نواجه المشاكل الحالية، لأننا نعلم أننا لسنا لوحدنا.
ولفت إلى أن “الاحتفال بعيد الفصح يعني الإيمان مجدّدًا بأن الله يدخل ولا يكفّ عن الدخول في تاريخنا، متحدّيا حتميّتنا الموحِّدَة والمُعيقة. الاحتفال بعيد الفصح يعني أن ندع يسوع يقهر ذاك التصرّف الجبان الذي غالبًا ما يحاصرنا ويحاول أن يدفن كلّ أنواع الرجاء”.
وتابع: لقد قام حجر القبر بدورِه، وقامت النساء بدورهنّ، وتُوجَّه الآن الدعوة مرّة جديدة لكم ولي: دعوة إلى نبذ العادات المتكرّرة، وتجديد حياتنا، وخياراتنا ووجودنا. دعوة توجّه إلينا حيث نوجد، وفيما نعمل وبما نحن عليه؛ مع “حصّة السلطة” التي نملك. هل نريد أن نشارك في بشارة الحياة هذه أم سنبقى صامتين أمام الأحداث؟
وختم: إنه ليس هنا، فقد قام! وهو ينتظرك في الجليل، ويدعوك للعودة إلى زمان ومكان الحبّ الأوّل، كي يقول لك: “لا تخف، اتبعني”.
* * *
المصدر: موقع “زينيت”
التاريخ: 2 نيسان 2018