مجلس البطاركة الكاثوليك يبتّ في قضايا كنسية
ويُقرّ عدداً من التعيينات
عقد مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان دورته السنوية الخمسين في الصرح البطريركي في بكركي، من 14 الى 17 تشرين الثاني الحالي، برئاسة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، وبمشاركة بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق والإسكندرية وأورشليم للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث، والبطريرك الأنطاكي للسريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، وبطريرك كاثوليكوس الأرمن الكاثوليك على كرسي كيليكيا كريكور بيدروس العشرين، والمطارنة، والرؤساء العامين والرؤساء الأعلين، والرئيسات العامات أعضاء المكتب الدائم للرهبانيات النسائية.
وشارك في جلسة الافتتاح السفير البابوي المونسنيور غبرياللي كاتشا.
البيان الختامي
وأصدر المجتمعون البيان الختامي، تلاه امين سر المجلس المونسنيور وهيب الخواجا، أعلنوا فيه ما يلي:
“تشرف الآباء بلقاء فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون، بمناسبة زيارته الرسمية الى الكرسي البطريركي في بكركي جريا على تقليد عريق. وقد وجه الى فخامته رئيس المجلس كلمة ترحيب وانتظارات ودعاء. فرد عليها فخامته بكلمة أشرك بها الآباء في تطلعاته كرئيس للبلاد.
- رحب رئيس المجلس في كلمته الافتتاحية بالأعضاء الجدد وهم سيادة المطران جوزف نفاع وسيادة المطران سيزار أسيان وقدس الأباتي نعمة الله الهاشم والأخت كريستينا سلامه. ثم تحدث عن أعمال الدورة وما تشتمل عليه من مواضيع عدة وهي على التوالي:
إعداد اليوبيل الذهبي للمجلس (1967 – 2017) والنظر في تقرير اللجنة المكلفة دراسة الورقة اللاهوتية حول “الشركة والحياة المجمعية لتعزيز العمل الراعوي المشترك”، النظر في التدابير المقترحة بشأن تطبيق التوجيهات الفاتيكانية حول التعديات الجنسية على القاصرين، إقرار النظام الداخلي والنظام المالي لرابطة كاريتاس لبنان، انتخاب رؤساء ونواب رؤساء للجان وهيئات تابعة للمجلس وانتخابات في مكتب رابطة كاريتاس، والاطلاع على توصيات اللجان والهيئات الواردة في تقاريرها وإقرارها.
وتناول غبطته في حديثه الشأن الوطني شاكرا الله على انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس مجلس الوزراء تشكيل الحكومة ومطالبا الدولة بتحمل مسؤولياتها والقيام بواجباتها تجاه المؤسسات الكنسية. ووجه باسم المجلس برقية الى قداسة البابا فرنسيس يعلمه فيها عن انعقاد الدورة وموضوعها والتمس بركته الرسولية على أعمالها وعلى الآباء.
- ثم ألقى سيادة السفير البابوي كلمة ذكر فيها بختام سنة الرحمة التي دعانا اليها قداسة البابا فرنسيس، ولفت الى ثلاثة أمور تواجهها كنيسة لبنان: بروز مسألة اللاجئين والنازحين بشكل كثيف وخطير، ازدياد عدد العمال والعاملات الأجانب في لبنان، ودور كنيسة لبنان في مساعدة الكنيسة الجامعة في الحوار المسيحي الإسلامي.
أولا: مواضيع الدورة
- استمع أعضاء المجلس الى اللجنة الخاصة المكلفة إعداد اليوبيل الذهبي التي اعتبرت أن المناسبة تستحق وقفة كنسية روحية لتقييم الواقع ووضع رؤية مستقبلية. فعرضت حصيلة أعمالها خلال السنة الفائتة. بدءا بتحديد الأسس اللاهوتية التي تقوم عليها الشهادة المشتركة بين الكنائس الأعضاء والتي يبنى عليها العمل الراعوي المشترك إنطلاقا من البنية المجمعية والجماعية الأسقفية والحس الإيماني الذي يتمتع به شعب الله. ثم عمدت، بالتعاون مع شركة مختصة، الى وضع دراسة ميدانية تطال واقع المجلس ولجانه وعلاقته مع البطريركيات والأبرشيات والرهبانيات. وعرضت تصورا للخطة المستقبلية مبنيا على تفعيل بنى الشركة وأدواتها الراعوية ضمن المجلس.
- ناقش الآباء النظام الداخلي والنظام المالي لرابطة كاريتاس لبنان، بعد أن كانوا قد نظروا في التعديلات المقترحة على النظام الأساسي وأقروه في الدورة الاستثنائية التي عقدت في 28 و29 كانون الثاني 2016. فاقترحوا بعض التعديلات على النظامين.
- ناقش الآباء الدليل العملي للتعامل مع قضايا التحرش والتعديات الجنسية على القاصرين والذي أعدته اللجنة الأسقفية للشؤون القانونية، تطبيقا لتوجيهات الكرسي الرسولي، وأقروه بكامل بنوده ليوضع حيز التنفيذ في كنائسنا الكاثوليكية في لبنان.
- واطلع الآباء على تقارير اللجان الأسقفية والهيئات التابعة لها، وناقشوا أعمالها وصوتوا على مقرراتها وتوصياتها الخاصة بتعزيز نشاطها ورسالتها في خدمة الكنيسة والمجتمع. وانتخبوا رؤساء ونواب رؤساء للجان وهيئات تابعة للمجلس خلفـا للذين انتهت ولايتهم. كما انتخبوا رئيسا لرابطة كاريتاس لبنان ومرشدا عاما لرابطة الأخويات، كما يلي:
– سيادة المطران كميل زيدان، رئيسا للهيئة التنفيذية.
– سيادة المطران حنا رحمه، رئيسا للجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكية.
– سيادة المطران سيزار إسيان، رئيسا للجنة الأسقفية للتعليم المسيحي.
– سيادة المطران جوزيف نفاع، رئيسا للجنة الأسقفية لرسالة العلمانيين.
– سيادة المطران منير خيرالله، رئيسا للجنة الأسقفية للعائلة والحياة.
– سيادة المطران جورج بو جوده، رئيسا للجنة الأسقفية للتعاون الرسالي بين الكنائس ولراعوية المهاجرين والمتنقلين.
– سيادة المطران ميخائيل أبرص، رئيسا للجنة الأسقفية لخدمة المحبة.
– سيادة المطران ايلي حداد، رئيسا للجنة الأسقفية للثقافة والممتلكات الثقافية.
– المطران كيرلس سليم بسترس والمطران جوزيف معوض، والأب العام نعمة الله الهاشم، أعضاء في اللجنة الأسقفية لكلية اللاهوت الحبرية.
– سيادة المطران يوحنا جهاد بطاح، نائبا لرئيس اللجنة الأسقفية للعلاقات المسكونية.
– الأب العام مالك بو طانوس، نائبا لرئيس اللجنة الأسقفية اللاهوتية الكتابية.
– الأب العام بطرس طربيه، نائبا لرئيس اللجنة الأسقفية للتعليم العالي والجامعي.
– الأب زياد حداد، نائبا لرئيس اللجنة الأسقفية للتعاون الرسالي بين الكنائس ولراعوية المهاجرين والمتنقلين.
– الأم ماري أنطوانيت سعاده، نائبا لرئيس اللجنة الأسقفية للثقافة والممتلكات الثقافية.
– الأخت كريستينا سلامه، نائبا لرئيس اللجنة الأسقفية لراعوية الصحة والبيئة.
– الخوري بول كرم، رئيسا لرابطة كاريتاس لبنان.
– الأب إدمون رزق المريمي، مرشدا عاما لرابطة الأخويات في لبنان.
ثانيا: الأوضاع في لبنان والمنطقة
- يشكر الآباء الله الذي استجاب صلاتهم وصلاة شعبهم، فصار الاتفاق بين الكتل السياسية والنيابية، بعد سنتين وخمسة أشهر من الفراغ، وتم انتخاب رئيس للبلاد بشخص العماد ميشال عون، وتكليف دولة الرئيس سعد الدين الحريري برئاسة الحكومة الجديدة وتشكيلها بالاتفاق مع فخامة الرئيس.
وإن الآباء، إذ يهنئون رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف والشعب اللبناني، يتطلعون مع الجميع الى تشكيل سريع لمجلس الوزراء بروح الميثاق الوطني والدستور، وعلى مبدأ المشاركة المتساوية بعيدا عن احتكار حصص وحقائب. ومطلوب من المجلس العتيد تحقيق المصالحة الوطنية الكاملة والشاملة، والبدء بوضع قانون جديد للانتخابات النيابية يؤمن صحة التمثيل وعدالته، ويعطي قيمة لصوت الناخب بحيث يتمكن من ممارسة حقه في المساءلة والمحاسبة. ويطلب من الدولة الانكباب، من دون إبطاء، على المضي بمواجهة التحديات الراهنة وأهمها: محاربة الفساد، النهوض الإقتصادي بكل قطاعاته وتعزيزالإنماء والبيئة، تقليص الدين العام، إقرار الموازنة وسلسلة الرتب والرواتب العادلة والمنصفة للجميع، معالجة خطر النازحين واللاجئين على المستوى الإقتصادي والأمني والسياسي والثقافي، ومستقبل الشباب اللبناني.
- يعمل الآباء على أن تظل الكنيسة علامة رجاء لشعبنا وملاذا له في صعوباته. فإن مؤسسات الكنيسة، التربوية والإستشفائية والإجتماعية والإنسانية، تواصل إداء خدمتها للجميع، وتقدم المساعدة لمن هم في حاجة، مع توفير فرص عمل متنوعة. ولكن، بسبب إزدياد حالة الفقر عند شعبنا، يطلب الآباء من مؤسسات الكنيسة أن تزيد من قدراتها في خدمة المحبة، بالاتكال على عناية الله الذي يعرف كيف يفيض عليها خيراته. وفي المناسبة يعرب الآباء عن تقديرهم لنشاطات رابطة كاريتاس لبنان ومثيلاتها من المؤسسات. ويذكرون السلطات الرسمية والأبرشيات والرعايا والأديار والمؤسسات التربوية والجامعية والصحية والاستشفائية والمنظمات الرسولية كافة، بأن رابطة كاريتاس لبنان هي “جهاز الكنيسة الكاثوليكية المشترك للعمل الاجتماعي والإنمائي المعتمد رسميا لخدمة المحبة، لمساعدة الأشخاص والجماعات، وللقيام بالنشاطات الإنسانية والاجتماعية والانمائية”.
ففي ظل الظروف الراهنة ومآسي أزمة النزوح الكثيفة والحاجات المتصاعدة لشعبنا اللبناني بشكل خاص، من الضروري التعاون مع كاريتاس ودعمها في أنشطتها كافة وبخاصة حملتها السنوية. كما ويثني الآباء على العمل الدؤوب الذي تم لإعادة هيكلتها وتوحيد أقسامها وفق القانون الأساسي والنظامين الداخلي والمالي الجدد، وإنسجاما مع رسمها البياني الحديث، ووفق الأسسس العلمية العصرية، لأن العمل الإداري المؤسساتي المبني على الشفافية المطلقة والوضوح في الرؤيا، يخدم رسالة المحبة المرجوة بحسب تعاليم الكنيسة، ويخلق عدالة في التعاطي من أجل التضامن الحسي مع كل محتاج ومعوز.
- غير أن الآباء لا ينفكون يطالبون الدولة بدعم مؤسسات الكنيسة في تشريعاتها ومشاريع الانماء وبإيفاء ما عليها من مستحقات للمدارس المجانية والمستشفيات ودور اليتامى والمسنين والحالات الخاصة. فلا يحق للدولة إهمال واجبها تجاه مؤسسات ترفع عن كاهلها عبئا ثقيلا، لا تستطيع الدولة بأي شكل من الأشكال أن تحمله. وفيما يعرب الآباء عن تقديرهم وشكرهم للأشخاص والمؤسسات الخاصة لما يقومون به من مبادرات لإيجاد فرص عمل وتقديم منح مدرسية وجامعية، ودعم مالي للمؤسسات الكنسية على أنواعها، فإنهم يدعون المجتمع الأهلي الى مزيد من التضامن في تضافر الجهود والقوى. فالمجتمع اللبناني يحتاج الى مؤازرة الجميع، وفقا لإمكانيات الأفراد والجماعات، لكي ينمو ويتوحد، وبذلك نبني معا وطننا ونعيد اليه بهاء ماضيه وندعم مقومات حضوره ودوره الحضاري في البيئة المشرقية ونفعل أهمية موقعه على الضفة الشرقية من المتوسط.
- آلم الآباء استمرار الحروب الدائرة في بلدان الشرق الأوسط، ولا سيما في سوريا والعراق وفلسطين واليمن، وقد زعزعت الاستقرار والسلم وتسببت بالهدم المبرمج وبويلات ومصائب على المواطنين الأبرياء. فإنهم إذ يجددون إدانتهم العنف بكل أشكاله، يدعون أبناءهم المسيحيين لأن يصمدوا بنعمة الله في رجائهم بإعادة بناء أوطانهم يدا بيد مع أخوتهم المسلمين في تكافؤ الفرص والمواطنة المتساوية والمسؤولة. ويناشدون المجتمع الدولي والدول المعنية لإيقاف الحرب وإحلال السلام في المنطقة، والتوصل الى حلول سياسية سلمية، بالاستناد الى القوانين الدولية التي تحفظ حقوق الشعوب والدول وتصون وحدة أراضيها، والعمل الجدي على عودة النازحين واللاجئين والمخطوفين والمبعدين الى بلدانهم وبيوتهم وممتلكاتهم، حفاظا على حقوقهم كمواطنين.
خاتمة
- في ختام سنة الرحمة، يستمطر الآباء بركة الله على أبنائهم وبناتهم ليعيشوا الرحمة بالمصالحة والانفتاح والالتزام بتحقيق السلام، ويعلنوا رجاءهم بمستقبل أفضل يعملون فيه معا على تحقيق ملكوت المحبة والعدالة والسلام.
وفيما يجري الاستعداد للاحتفال بذكرى الاستقلال في أجواء إيجابية تسود البلاد والعباد، يأمل الآباء أن يعمل فخامة رئيس الجمهورية بالتعاون مع الحكومة العتيدة ومجلس النواب على تنفيذ خطاب القسم وإعادة الدولة ومؤسساتها الى انتظامها وحيويتها وهيبتها في خدمة المواطنين فيجددوا ولاءهم الكامل للبنان ويعملوا معا على اعادة بنائه وطنا رسالة في الأخوة والحرية والاحترام المتبادل والعيش الواحد.
كما يسألون الله بشفاعة العذراء مريم والدة الاله وسيدة لبنان أن يحمي لبنان في كيانه ورسالته وينعم على بلدان الشرق الأوسط بالسلام العادل والشامل وبالأمن والازدهار“.
* * *
المصدر: “الوكالة الوطنية للإعلام”
التاريخ: 17 تشرين الثاني 2016